الثقافة المصرية

كلمة الثقافة تعني في اللغة صقل النفس والمنطق والفطانة، وفي القاموس: وثقف نفسه، اي صار حاذقا خفيفا فطنا، وثقفه تثقيفا اي سواه، وثقف الرمح، تعني سواه وقومه. وتستخدم كلمة الثقافة للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات.

والثقافة هي “مجموع ما توصَّلت إليه أمَّة أو بلد في الحقول المختلفة من أدب وفكر وصناعة وعلم وفن، ونحوها، بهدف استنارة الذِّهن وتهذيب الذَّوق وتنمية ملكة النَّقد والحكم لدى الفرد أو في المجتمع”

فالثقافة لا تعني فقط مجموعة من المعارف الناتجة عن الاطلاع والقراءة، بل هي تعبير عن المنطق الفكري المستقيم، والرقي السلوكي والاجتماعي، مما يساعد على رسم طريق الحياة إجمالا، وبما يتمثل فيه الطابع العام الذي ينطبع عليه شعب من الشعوب، وهي الوجوه المميزة لمقومات الأمة التي تميز بها عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدسات والقوانين والتجارب، وإجمالا فإن الثقافة هي كل مركب يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات، فهي   مجموعة من الاتجاهات المشتركة، والقيم، والأهداف، والممارسات التي تميز مؤسسة أو منظمة أو جماعة ما.

وثقافات الامم تنمو وتتطور، فالطبيعي مع الاتصال بين الشعوب ان تتبادل هذه الشعوب مفرادت ثقافية فيما بينها، وكثيرا ما نسمع اليوم عن الغزو الثقافي او صراع الحضارات، والحقيقة انه ليس صراعا، لكنه تبادل وتزاوج، وقد زاد هذا التبادل حاليا نتيجة لثورة الاتصال، وزادت سرعة التبادل الثقافي بين الامم نتيجة له، وتتطور ثقافاتالامم كما انها تضمر وتختفي، وذلك حسب قوة هذه الامة او ضعفها، فالامم القوية يمكنها نشر ثقافتها وترسيخها، اما الامم الضعيفة فإنها غالبا ما تهجر ثقافتها وتقلد الامم الاخري رغبة من افرادها في الظهور بمظهر بعيد عن الضعف وقريب من القوة، وكانهم يستمدون قيهم من تقليدهم لثقافة الشعوب الراقية، وهنا تكمل المشكلة، فالتبادل الثقافي ليس عيبا، لكن الامة التي تضيف للثقافة العالمية وتاخذ منها غير الامة التي تاخذ فقط، فمثل هذه الامة سياتي عليها اليوم الذي تختفي فيه ثقافتها تماما، ومن وسائل تأصيل الثقافة وترسيخها لدي الشعوب الافلام والمسلسلات والاغاني وغيرها من الفنون، ويجب الاهتمام بهذه الفنون وان يقوم القائمين عليها بالاهتمام بالثقافة المصرية وترسيخ قيمها في اعمالهم.

والافلام من اهم الاداوت الثقافية، فمن منا لم يحب فيم الشموع السوداء ودعاء الكروان، ومن منا لم يتعاطف مع الفلاحين في فيلم الارض، حيث كانت المشاهد مصرية بشكل مثالي، بحيث تقبله المشاهد، وتعاطف مع ابطالها، وتقبل الرسالة بشكل سريع، وفيلم اخر مثل الناصر صلاح الدين الذي يعطي للمشاهد شحنة قوية من الاعتزاز والكبرياء، والرسالة هي الهدف الاساسي للعمل الفني، فبعض الاعمال رسالتها نشر اخلاق، او معالجة مشاكل اجتماعية، او حث الافراد علي العمل والنجاح، او الاعتزاز بتاريخ الامة، او حتي تذوق الجمال وتنمية الحس الفني لدي الجمهور، وعموما يجب ان يكون لكل عمل فني رسالة هادفة، وان يكون بناء العمل الفني نفسه قويا حتي تصل الرسالة للمتلقي.

علي النقيض من حالة الافلام المصرية القوية المذكورة، فإن سيطرة المسلسلات التركية علي المشاهد المصري، بالاضافة الي سوء مستوي الافلام المصرية، ينذران بمشكلة ثقافية ضخمة، والامر لا يقتصر علي اسلوب التفكير والكلام، بل يتعدي ذلك الي ستايل الملابس، وديكوراتب المنازل، انهم يريدون تسويق منتجاتهم وليس فقط بيع المسلسلات، فهم يسوقون الرحلات والفنادق، والملابس وغيرها من المنتجات، انا اري وبوضوح غزو تركي للثقافة المصرية يتم من خلال المسلسلات، ولو كنت وزيرا للثقافة التركية لدفعت للمصريين اموالا ليشاهدو هذه المسلسلات.

وللحديث بقية عن المسلسلات التركية.

الكاتب: خالد الشيخ

avatar
مصمم ازياء مصري حاصل علي درجة الدكتوراة في تصميم الازياء، واعمل دكتور بكلية الفنون التطبيقية- جامعة حلوان- قسم الملابس، اكتب هنا في موقع فاشونايد، واعتبره ساحة للحوار المتبادل مع المهتمين بهذه الصناعة حول كل ما يخص تصميم وتصنيع الملابس والازياء.
تعليق واحد علي الموضوع
  1. يقول منى عبدالوهاب:

    Chapeau Dr.Khalid !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اعجبك الموقع؟

صفحتنا علي فيسبوك

تواصل معنا...

هل تبحث عن موضوع معين؟

اعضاء فاشونايد